قصة رجل عاش في بلد أجنبي

عندما كنت صغيراً، كنت أحلم أنني لن أعيش في وطني طويلاً، وأن هناك مكاناً سأذهب إليه لقضاء فترة من الزمن، ولا أعرف أين.

كثيرا ما كنت أقول لأصدقائي إن على الإنسان أن يغادر ويبحث عن مكان حتى يستطيع أن يحدد بدقة ما هي قيمة الوطن بالنسبة له، وما هي مشاعره تجاهه. هل سيشعر بالغيرة منه؟ هل سيشعر بالحنين إليه دائمًا؟ كل هذه الأسئلة لن تتمكن من الإجابة عليها إلا إذا ذهبت في رحلة خارج المنزل.

حب الإنسان لوطنه بعد المنفى

شعرت بحب كبير لوطني الحبيب، وشعور الافتقاد الدائم له لا يفارقني أبدًا، رغم كل الظروف الاقتصادية والاجتماعية.

سوف ينغمس هذا المواطن في أحلام اليقظة الكثيرة، بل ويحلم بالنوم أيضًا، ويحلم بأنه هاجر إلى مكان ما من أجل الحصول على رزق وفير وتحقيق هدفه، والهجرة والسفر إلى أي مكان هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك. الحلم الضائع. وبعد أن يتحول الحلم إلى حقيقة، تتعمق جذور المشكلة ولا يجد الفرد القدرة على اتخاذ قرار العودة إلى وطنه رغم اشتياقه إليه. وماذا سيفعل إذا عاد إلى وطنه؟ هل سيكون قادرًا على العيش بمستوى إنساني يوفر له نوعية حياة جيدة؟

معاملة المغترب في المنفى

إن سوء المعاملة التي يتعرض لها الإنسان في البلد الذي سيهاجر إليه أو الذي سيستقر فيه لعدد معين من السنوات أمر معروف، ورغم قيمته ومكانته فإنه يجد نوعاً من العداوة والبغضاء، وإن لم يكن ظاهرًا فهو كامن ومخفي في النفوس؛ وهذا يجعل الصراع بين العودة والبقاء أكثر حدة

الشباب في كل مكان يفكرون في السفر، وأحلامهم وتحقيقها معرضون للموت إلا إذا جاءت فرصة التغيير بمغادرة الوطن إلى أي مكان. فالأمر في غاية الصعوبة، فالضغوط والصراعات التي يعاني منها الإنسان أكبر مما يتحمله في الواقع.

ولست على يقين أن الغربة والابتعاد عن الوطن يفعلان كل هذا بالإنسان. وبطبيعة الحال هناك فروق فردية في جودة الاستجابة لضغوط الحياة المختلفة. كما أن المكاسب التي قد يحققها الإنسان من غربته قد تكون أكبر من معاناته، مما يقلل من شعوره بالألم. نحن في عالم الغربة، بعيد عن الوطن، ننتظر اليوم الذي نذهب فيه إلى الوطن، ونستعجل الأيام ونتمنى أن تمر سريعا، وبهذا نأمل أن تمر حياتنا سريعا، فكلها… تمر علينا الأيام والسنين، وتقربنا أكثر فأكثر من الموت الذي يأتي بغتة، ولا نعلم هل سيأتي القمر ونحن مستعدون له أم لا؟

نهاية الغربة عن الوطن

وأطلب من كل إنسان جرب مرارة الغربة عن وطنه، أو يفكر في الهجرة أو السفر إلى أي مكان، أن يضع مجموعة من الأهداف المحددة ويسعى لتحقيقها، ثم يعود إلى وطنه من جديد ويستمتع بمشاعر الوطن. الأمن والاستقرار والمحبة بالبقاء بين أهله وأصدقائه وأحبائه. ولذلك وجب عليه الاكتفاء بما لا لزوم له، والحمد لله، والاستمتاع بالحياة الدنيا، والعمل للحياة الباقية.